المرحومة / سعدية السيد محمد حماد

سامحينا يا أمِّي
‏مَنِ الذي يقوم مقامها ؟
ومَنِ الذي يصبر صبرها ؟
ومَنِ الذي يسدُّ ثغرها بعد غيابها ؟
إليك يامن في حضنها تربيْنا ، وعلى رعايتها وشفقتها وخوفها علينا ترعرعنا وعشنا ، إليك يا من حرمت نفسها لذَّة الطعام لتطعمنا ، تسهر ليلها لننام نحن ، تفرح لنجاحنا وتفوُّقنا ، وتحزن لحزننا ، بل تمرض لمرض اي شخص فينا . أي إنسانة هذه التي تبذل نفسها لأولادها ، على حساب صحَّتِها ومطعمها ومشربها ؟!
مسيرة عُمر طويلة من السنين وهي تُعطي وتَبذل ، حتى بعد استقلال أبنائها وبناتها بتكوين أُسْر جديدة ، وهي تُتابع وتساعد وتشفق ، وتحمل وترعى أحفادها ، وتفرح لفرحهم، وتحزن لحزنهم . يا إلهي ! أين نحن من هذه الغفلة ، وهذا النسيان ، والانشغال بالدنيا ، والعمل والارتباطات ، والزملاء ، والأصدقاء ؟! أين نحن من الإحسان لهذه الجوهرة المكنونة التي ليس لها بديل، ولا عديل . .؟! أين نحن من وصيَّة ربنا بها
﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ﴾
ومن هنا نقف للصمت احتراما لروحك الطاهرة يا من الجنة تحت أقدامها وكانت الرابط المتصل بنا مع السماء والبركة في كل جهد من دعائها المخلص من كفيها العابرة لتفتح الصعاب بجمل تفك الركود والجمود و تسهل كل أمر عسير وان كان رحليك خسارة فادحة
لا تعوض وألم لا يمحوه الزمان وان العين لتدمع وان القلب ليجزع ولا نقول ما يغضب الرب وانا لفراقك يا أماه لمحزونون أما وقد رحلتي من هذه الدنيا فليس لنا الا أن نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبلك وان يعننا ويوفقنا على برك بعد رحيلك
وان يتغمدك بواسع رحمته ويرزقنا وإياك كرامة الدنيا والآخرة ويعرف بينك وبين محمد وآل محمد في مقعد صدق عند مليك مقتدر مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا و الحمدلله رب العالمين ، تلك خاطرة سطرتها باختصار عن غفلتنا تجاه أمهاتنا، وتقصيرنا في البر بهِنَّ، لعلها تكون لنا ذكرى ، فتُذكِّر البارَّ، فيزداد بِرًّا ، وتوقظ الغافل فيتدارك ما فاته بالتوبة ويطلب السماح ( سامحينا يا أمي علي أي تقصير منا دون قصد).
رحم الله من يقرأ لها ولارواح المؤمنين والمؤمنات سورة الفاتحة .